الجمعة، 24 أكتوبر 2014

سطيف



* سطيف *



التعريف بمنطقة سطيف :

"أزديف" ،"سيتيفيس" ،و"سطيف" كلها تسميات لمنطقة سطيف التاريخية وأزديف كلمة أمازيغية ،تعني بالعربية : التربة السوداء ، وفي العهد الروماني حول اسم المنطقة الى سيتيفيس ،وهي ولاية مهمة ، تقع شمال شرق البلاد فى جبال الاطلس التلى ، يحدها من الشمال كل من ولايتي جيجل و بجاية، و من الجنوب ولايتي باتنة و المسيلة، ومن الشرق ولاية ميلة، و من الغرب ولاية برج بوعريرج ، عاصمتها من أهم المدن الجزائرية ،وتحمل نفس الإسم (سطيف)، تقع على بعد 300 كلم شرق الجزائر العاصمة على ارتفاع حوالى 1200م ،فوق سطح البحر ،شتاؤها بارد ممطر كما تعرف المدينة هطول ثلوج كثيفة لأيام عديدة خلال فصل الشتاء " كالعديد من المدن الداخلية في الجزائر" ، أما الصيف فهو حار نسبيا وجاف، وتعتبر إحدى أهم المدن، فهي ثاني ولاية بعد ولاية الجزائر العاصمة من حيث الكثافة السكانية، وهي عاصمة الهضاب العليا ،ويطلق عليها الجزائريون في الغالب _سطيف العالي _ نسبة الى تضاريسها أولا ثم الى تاريخها الضارب فى جذور الحضارة الانسانية والمتسامق تسامق جبالها وتلالها والغنى بالكنوز غنى سهولها ومروجها ، موقعها المتميز على هضبات جبال مغرس (مقرس) وبابور جعل مناخها السهبي قاريا، حيث تزدهر فيه زراعة القمح والشعير والخضروات والحمضيات، وقد أضاف لها سد عين زادة ،الذي يعتبر من السدود الكبيرة بالجزائر إمكانية ري مساحات واسعة وقد أنجز مؤخراً سد أكبر منه ألا وهو سد الموان .
تعتبر مدينة سطيف اليوم من أهم المناطق السياحية نظرا لما تتميز به من آثار رومانية مثل صرح جميلة وآثار فاطمية مثل منطقة ، بني عزيز (آكجان) ،والمهدية وو... وحمامات معدنية للاستشفاء كحمام السخنة وقرقور وأولاد يلس وأولاد تبان وكذلك حمام الصالحين بالحامة جنوبا المعروف بدرجة الحرارة العالية لمياهه المعدنية.
تتميز سطيف ،بتنوع الأنشطة الاقتصادية إذ نجد الزراعة، خاصة زراعة القمح والحبوب وافرة في مناطق مثل قلال ، قجال ،الرصفة بئر حدادة ،وبني فضة ،وبازر سكرة ،التي يعتبر قمحها من أجود أنواع القمح في العالم.
كما ازدهرت فيها (ولاية سطيف) الصناعة بنوعيها الخفيفة والثقيلة ،في مدينة سطيف والمدن المجاورة ،العلمة ، وعين الكبيرة وعين ولمان وعموشة و اولاد صابر .
تطورت سطيف في السنوات الأخيرة بسرعة فائقة حيث أصبحت مركزا اقتصاديا وتجاريا كبيرا، عبرت عنه بإنشاء مناطق صناعية وتجارية عديدة، وازدهرت فيها الحرف التقليدية والخدمات والفنون، الى جانب أنها تضم جامعتين كبيرتين، فهي تحتوي أيضا على العديد من المعاهد والمراكز العلمية والتكنولوجية والدينية .
تعتبر سطيف من بين المدن الجزائرية التي تتميز بديناميكية اقتصادية وثقافية قلت مجاراتها في الجزائر، فهي ملتقى طرق كل الجهات الجزائرية، ومعبر اقتصادي وسياحي لا يمكن الاستغناء عنه.
وتتوفر ولاية سطيف ،على مراكز دينية عملاقة ،خاصة التقليدية منها والتي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ كمؤسسات الأدارسة ،التي اقيمت حين قدومهم الى المنطقة وتمركزهم واستقرارهم فيها ،قصد التعريف بمبادئ الإسلام الأصيل ،ونشر معارف القرآن الكريم ،وعلومه ، وترسيخ اسس و ثوابت الثقافة الدينية ،ونشر السنة النبوية الصحيحة ،والترويج لها ،وهذا ما أدى الى ازدهار المنطقة وتطورها ، وهم السبب الرئيس في تعريف أهل المنطقة بآل البيت (رضي الله عنهم) (العترة الطاهرة) وتبيان حقائقهم وأهميتهم ، وغرس حبهم والتعلق بهم في كل من انتسب اليهم ،أو ارتبط نوع من الإرتباط بهم ،أو تعلم في مؤسساتهم ، ومن هذه الزوايا (المدارس الدينية) : الزاوية الحجازية ببلدية الرصفة ،وزاوية سيدي احسن، وزاوية سيدي الجودي بقرقور ،وزاوية بلكتفي ،وزاوية الشيخ لمنور مليزي بواد الذهب ، ومن أعرقها وأبرزها زاوية بن حمادوش بقجال .

التعريف
بـ (الزاوية) :

الزاوية ، في الأصل مدرسة دينية ،و مقر استرشاد ،و ملجأ أمان ، (الزاوية لغة ،في الأصل لفظ مؤخوذ من الإنزواء ،بقصد العكوف على العبادة ،أو على تلقي العلم بعيدا عن دنيا الناس ومشاغلهم اليومية ، وهي أيضا رباط المجاهد في سبيل الله ،و حافظ الثغور ، يطلق على بناء أو مجموعة أبنية ذات طابع ديني ، و هي تشبه المدرسة في تخطيطها و أجزائها ووظائفها التعليمية ، و قد ذكر (دوماس ، Daumas ) عام 1947 في كتابه تعريفا للزاوية حيث قال : ( إن الزاوية هي على الجملة مدرسة دينية و دار مجانية للضيافة ) ، أنظر : ليفي بروفنسال : ( الزوايا ) دائرة المعارف الإسلامية ) .
خلقت الزوايا أدبا رفيعا و شعرا صادقا وقامت و لازالت قائمة بتربية المريدين على الفضيلة ،و نكران الذات ، وسماحة الخلق ، فكانوا يجتمعون في زوايا الأحياء ،و المداشر ،يتحابون في الله ،و يذكرون ويتذاكرون ،و يعلمون ، و يتعلمون ، و البعض منهم يصطحب أولاده الصغار ،فيرثون عن آبائهم حب الزاوية ،فيشبون في ظلالها و يتأدبون بآدابها .
تمثل الزاوية مؤسسة دينية ،و اجتماعية ،و علمية ،تبلورت أنشطتها وخصوصياتها منذ اسقرار الإسلام الى الآن ، و تعد مركزاً للتربية الصوفية ، و معهدا لتزكية النفوس و تطهيرها ، و لذلك كان الشيوخ وقادة المتصوفين يتنافسون في بناء الزوايا و تشييدها لأجل أداء وظيفتها الإجتماعية ،من إيواء الغرباء و إطعامهم ،وكفالة اليتيم ،و أداء الواجبات الدينية ،كالصلاة ، و الصدقة ،والزكاة ،و الذكر ،و تلاوة القرآن ،و التعليم ،و التعلم ،و غير ذلك ...

التعريف بزاوية قجال _ سطيف

تواجدت في قرية قجال ، زاوية منذ عقود من الزمن ، و هذه القرية القديمة تاريخيا ،فهي حسب الشواهد الأثرية تعود إلى العهد الروماني ، مرت عبر حقب تاريخية مختلفة ،لا سيما الحقبة الإسلامية ، و تؤكد الرواية الشفوية المنقولة عن سكانها (منطقة قجال) بما فيها رواية عن أجداد عائلة بن حمادوش ،الذين توارثوا الإشراف على الزاوية ،عن جدهم الأكبر ،سيدي مسعود الإدريسي الحسني القجالي ، أن موقع المسجد الحالي هو بالأساس موقع بناه الفاتحون الأوائل ، و يروي أن الصحابي ، عبد الله بن الزبير ،كان مم شاركوا في بناء المسجد وترك أثر يده على الجدار القبلي للمسجد ، و بقي هذا الأثر قائما الى قدوم سيدي مسعود الى منطقة قجال .
أهم معلم أساسي في قجال مقام سيدي مسعود الإدريسي ، و يرتبط سيدي مسعود بالقبور السبعة أو السبع الرقود، و قد اختلفت الروايات حول هذه القبور ذات الشواهد المرتفعة ، و التي يمكن إجمالها في ثلاثة روايات : أولاها أن هؤلاء السبع الرقود هم سبعة إخوة جاؤوا من المغرب في زمن سيدي مسعود ،و ناموا ليلتهم بقجال فلما أصبح الصباح و جدوا في حالة نوم أبدي فدفنوا في قبورهم ،التي ما تزال شاهدة عليهم ، من هنا شبه حالهم بحال أهل الكهف ، أما الرواية الثانية فهم سبعة إخوة استشهدوا معا في معركة من معارك الجهاد ، لكن هذه الرواية لا تحدد المكان و الزمان لهذه المعركة .
و كان مقام سيدي مسعود مزارا مباركا يرجى الدعاء عند مرقده الشريف ، و قد بلغت درجة التقديس لضريحه ،و أضرحة السبع رقود أن المحاكم بمدينة سطيف كانت تشترط على الخصوم أداء القسم المطلوبة عندها ، أما سيدي مسعود فهو حسني النسب ، حيث تؤكد الوثائق الخاصة بسلسلة نسب عائلة بن حمادوش ،أن سيدي مسعود هو الحفيد الثاني عشر في ذرية الحسن بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهما) ، و فيما يلي سلسلة نسبه : ( سيدي مسعود بن عبد الحميد بن عمر بن محمد بن إدريس بن داوود بن إدريس الثاني بن إدريس الأول بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الإمام الحسن المجتبى السبط بن الإمام علي بن أبي طالب ) ، يرجع استقرار سيدي مسعود في قجال إلى القرن الخامس الهجري ، بعد رحلة قادته من فاس إلى قرية قجال ، و لا يعلم لماذا قجال بتحديد ؟ و يرجع قدومه إليها بدعوة من سكان المنطقة ، فحقق لهم الرجاء ،و حل بهم و بينهم إماما سيدا لهم .
منذ قدوم سيدي مسعود الى قجال ،بدأت مرحلة جديدة في مسيرة قرية قجال التاريخية ، حيث عرفت فيما توالى من الأزمنة و القرون بالمسجد و الزاوية التابعة له ، التي أنشئت لغرض نشر العلوم الإسلامية ،و اللغة العربية ، و تدريس الفقه ،و الإصلاح الإجتماعي ، وقد تولى الإشراف على التعليم بالزاوية و إدارة الأوقاف من الأراضي الزراعية ،أحفاد سيدي مسعود من بعده ،بمراسم و عقود موقعة من طرف الأمراء و العلماء ،من أمثال ابن العربي (الفقيه المالكي)، و الإمام أبي يحي زكريا ،والإمام المجاهد أبي العباس أحمد ،و سيدي محمد بن يوسف الصغير ، هذا الأخير الذي توفي بقحال ،و دفن بمقبرة سيدي مسعود ،و ما زال قبره معروفا الى اليوم ، و هذه العقود المحبوسة باسم سيدي مسعود و أحفاده منذ القرن الخامس الهجري تمتد من جبال براو وسيدي يوسف و مقرس .
تشرفت قجال باستقبال علماء أجلاء من أمثال سيدي عبد الرحمن الأخضري ،الذي عاش في القرن العاشر الهجري ،فقد ذكر أنه كان يزورها للتدريس ،و التبرك بزيارة سيدي مسعود ، و قد كتب له أن يتوفاه الأجل في قرية قجال ، و من العلماء العاملين الذي تشرفت بهم أيضا الشيخ أبي القاسم بن السعد الحامي الذي علم بزاوية قجال ،و قد ذكر أنه ترك بمكتباتها العديدة من المخطوطات ،لم نجد منها إلا مخطوطا واحد في شرح الأجرومية ،فرغ من إنجازه في نهاية السنة للقرن الثاني عشر الهجري ، و من الرجال الصالحين نذكر الرجل الصالح الشريف النسب سيدي عمر قادري ،الذي تعلم بقجال و كان صاحب علم وولاية ، أشاع وجود مقام سيدي مسعود على سكان قجال ،التدين على مر السنين ، و قد اجتهد أحفاد سيدي مسعود من بعده ،في التزام المنهج القويم في التدين من غير غلو ، و التصوف من غير ابتداع .
هناك وثيقة تبين أن زاوية بن حمادوش أو قجال التي كانت تسمى زاوية سيدي مسعود ،لها أكثر من تسعة قرون بالتاريخ الهجري هذه الوثيقة تحدد القرن الخامس كتاريخ لتخصيص سيدي محمد الكبير أحد أحفاد سيدي مسعود بأراضي محبوسة عليه م قبل سلاطين المحروسة الجزائر ، و تذكر أنه خصص زاويته ببعض الأراضي ، أما الوثيقة الثانية فمؤرخة في أواسط ذي القعدة عام ثمانية و ثمانين و ثمانمائة هجرية 888 ه 1483 م ، ووثقية ثالثة يعود تاريخها إلى شهر شوال سنة 931 ه 1524 م أما الوثيقة الرابعة فهي أوضح من الوثائق السابقة و مؤرخة في 1230 ه 1815 م و تحدد الأراضي الفلاحية الموقوفة على الزاوية .
ليس هناك تاريخ بعدد الفترات التي تم فيها تجديد الزاوية ، لكن يمكن التأكيد على أنها تعرضت للإهمال و الهجر لعشرات السنين كما تعرضت للهدم و مصادرة أموالها و أوقافها و نهب مكتباتها ووثائقها و تصفية شيوخها مثل اغتيال الشيخ أبي عبد الله محمد بن إدريس ، و اغتيال الإخوة السبعة حسب رواية أهل المنطقة و الاعتداء على سيدي محمد الكبير و ابن عمته من طرف المدعو المهوب دغاش الذي تمت إدانته من طرف مجلس العلماء سنة 1192 ه ، لقد عاشت المنطقة فترة اضطرابات و صراعات لا تنقطع بين العروش و العائلات و القبائل وصراع العرب مع الأتراك معركة قجال بين جيش العرب بقيادة أحمد بن الصخري و الجيش التركي التي كانت بقيادة مراد باي ، فاضطر شيوخ الزاوية إلى مغادرتها نائين بأنفسهم و عائلاتهم عن الدخول في الصراع القبلي المقيت ، هجرة الشيخ سيدي أحمد الملقب بسيدي علي أو أحمد بن حمادوش إلى المغرب ، و انتقال الشيخ الصديق إلى بلاد بوغنجة بأولاد صابر ، هذا فضلا عن الفترة الإستعمارية التي تعرضت فيها الزاوية إلى مصادرة أوقافها من الأراضي الفلاحية التي تشهد عليها وثائق الزاوية التي حددت أملاكها باسم بلاد سيدي مسعود قبيل الغزو الاستعماري الفرنسي بعدة سنوات ، وعلى هذا يمكن أن نتحدث عن عدة فترات من التجديد الذي خضعت له الزاوية من خلال الوثائق التي تنص على تنصيب الشيوخ و هي كتالي :
التجديد الأول : تم في سنة 888 هجري الموافق لسنة 1483 ميلادي بعقد موقع من طرف أبي يحيا زكرياء من أمراء الدولة الحفصية يفرض للشيخ أبي عبد الله محمد بن إدريس بتسيير زاوية قجال و أحباسها .
التجديد الثاني : تم في سنة 931 ه الموافق لسنة 1524 م على يدي الشيخ أبي عبد الله محمد بن صالح بعقد موقع من طرف الإمام المجاهد أبي العباس أحمد بن محمد ، و قد شهدت زاوية قجال في هذه الفترة نهضة علمية شارك فيها الشيخ العلامة سيدي عبد الرحمن الأخضري .
التجديد الثالث : تم في سنة 1211 ه الموافق لسنة 1795 م على يدي سيدي محمد الكبير ، و بعد وفاته تولى مشيخة الزاوية المجاهد الشيخ الطاهر بن حمادوش الذي شارك في مقاومة الاستعمار الفرنسي الغاشم سنة 1871 و تمت معاقبته بمصادرة أراضيه الفلاحية الخاصة .
الجديد الرابع : وتم على يد الشيخ الصديق بن الشيخ الطاهر بن حمادوش بداية من سنة 1857 م ، الذي استطاع أن يستعيد المبادرة ويفتح الزاوية لتحفيظ القرآن الكريم و التعليم الديني ، و بهذا سجلت زاوية قجال حضورها على مستوى كل من المقاومة المسلحة من خلال الشيخ الطاهر بن حمادوش و حضورا قويا على مستوى الجهاد الثقافي أو الممانعة الثقافية من خلال الشيخ الصديق .
التجديد الخامس : و تم على يد الشيخ محمد الصديق بن الطيب وإخوته سنة 1936 م فاستعادت الزاوية نشاطها العلمي على يدي الشيخ المختار بن الشيخ بين سنتي 1936 م الى 1944 م و بعد وفاته استخلفه الشيخ محمد بقاق لأكثر من سنتين 1945م إلى 1947 .
التجديد السادس : و تم على يد الإمام الشهيد عبد الحميد حمادوش سنة 1950 م بعد أن أنهى دراسته بجامعة الزيتونة بتونس و عاد إلى أرض الوطن ، فقام بإصلاحات معتبرة في الزاوية و استأنف التدريس بها لعدد من الطلبة الذين كان و إياهم على موعد مع الثورة ، فاستشهد منهم من استشهد ومن بقي منهم رفع التحدي التعليم العربي بعد الاستقلال من خلال مدرسة قجال و المدارس الرسمية .
التجديد السابع : و تم بعد الاستقلال أي في صيف سنة 1962 حيث انطلقت محاولة أولية للتدريس بالزاوية ، قام بها الشيخ القريشي مدني بطلب من الشيخ محمد الصديق حمادوش ، و تبعتها محاولة أخرى قام بها الشيخ الحسين مؤمن و لكنها لم تستمر وفي بداية العام الدراسي 1963 _ 1964 استأنفت الزاوية عملها تحت اسم مدرسة الشهيد عبد الحميد حمادوش ،بإشراف الشيخ محمد الصديق حمادوش ،و تسيير الجمعية الدينية ،برئاسة البشير قزوط ، وكان من أبرز أساتذتها الشيخ القريشي مدني ، و الشيخ إسماعيل زروق ،و من فلسطين الأساتذة ذيب كنعان ، ويعقوب قرعاوي ، و تيسير محمد سعيد ،و غيرهم .
في هذه الفترة أخذت الزاوية صبغة مدرسة حرة أكثر منها زاوية ذات خط و طريقة و منهج في التربية و التعليم و توقف التعليم القرآني بها ، و لكنها أدت دورا رائد في تعليم أبناء المنطقة ،وولاية سطيف ،فتخرج منها العشرات بل المئات من المعلمين و المدرسين و الأساتذة والموظفين و في سنة 1976 جاء مشروع توحيد التعليم بإلغاء المدارس الحرة و الزوايا فتسلمت مديرية التربية مدرسة الشهيد عبد الحميد حمادوش ،التي أصبحت تحمل اسم إكمالية عبد الحميد حمادوش ، وحلت الجمعية و بقيت الزاوية معطلة خالية بلا تعليم قرآني ولا شرعي إلا من الشيخ رابح عيادي ،الذي ظل محافظا على الآذان و إمامة الناس في الصلاة بدون أجر يذكر حتى توفي .
التجديد الثامن : في سنة 1981 لم تكن الظروف تسمح باسئناف الزاوية عملها لانعدام المرافق الضرورية و حاجة الناس إلى رفع اللبس عن الزاوية و رسالتها التعليمية و دورها الإصلاحي ، حيث وصمت بوصمة الدروشة و الخرافة ، و صنف أهلها في عداد الطابور الخامس لخدمة الإستعمار الفرنسي ظلما ، فكان لابد من انتظار الوقت المناسب لرفع ما علق بمفهوم الزاوية و إعادة الوعي للناس بهذه المؤسسة التقليدية التي تختزن العمق الثقافي و التاريخي لتراث الأمة و تجربتها الجهادية في الميادين الدينية و التعليمية و الإجتماعية و الإصلاحية و في حماية الثغور و الدفاع عن الأوطان ، و لكن رغم ذلك لم ينتظر أهل الزاوية وتلاميذتها القدامى طويلا بل بادروا الى تكوين جمعية دينية للمسجد وكانت الجمعية تتكون من الزبير حمادوش ،و الشيخ القريشي مدني ، والشيخ محمد غجاتي و الأستاذ المحفوظ صفيح ،و العربي حافظ ، وحمو رحماني ،و محمد ولد الشيخ الخير فاضلي .
وأقيمت أول جمعة بالمسجد كبداية لإحياء هذا المعلم التاريخي العظيم الذي كاد يندرس نهائيا ، و هذه المنارة الدينية المشعة بالقرآن والشريعة التي ظلت مستعصية على الفناء و كان إمام الجمعة أحد طلبتها الأوفياء و خطيبها بالمطقة ،الشيخ القريشي مدني ،الذي ظل لسنوات يقدم بها دروسا في الفقه و اللغة ، في هذه الفترة تمت بعض الإصلاحات في الزاوية مثل غرفة للتعليم القرآني ، توسعة قاعة الصلاة ، كانت هذه التوسعة تمثل ضرورة ملحة لاستيعاب عدد المصلين المتزايد يوما بعد يوم من كل المناطق المحيطة بقجال ،الذين كانت تربطهم بالزاوية علاقات روحية و دينية و تاريخية ،باعتبارها مؤسستهم التعليمية والتربوية و باعتبار شيوخها مراجعهم في الفتوى و الإصلاح الاجتماعي ، و بعد سنوات تم إنجاز مشروع المجمع الإسلامي لزاوية قجال ، بعد أن تمت تسوية جميع الإجراءات القنونية و الإدارية لتكون البداية بإنجاز المسجد الجديد .
الطريقة :
كان شيوخ الزاوية يتبعون الطريقة الرحمانية الحفناوية البكرية الخلوتية وهي طريقة صوفية تربوية تعليمية جهادية معروفة خاصة في الزوايا الشرق الجزائري أما منهجها في العقيدة و الفقه فهي تلتقي مع سائر الطرق الصوفية و المدارس الإسلامية و المراجع الفقهية في الجزائر وبلاد المغرب الإسلامي ، المنهج العقدي الأشعري ،و المذهب الفقهي المالكي .

التعريف ببعض شيوخ و علماء الزاوية ( زاية بن حمادوش) قجال - سطيف

سيدي أبو عبد الله محمد بن إدريس

هو سيدي أبو عبد الله محمد بن سيدي إدريس ، الذي عاش في القرن العاشر الهجري تولى مشيخة زاوية قجال من بعد والده الشيخ إدريس ، حيث تم تنصيبه في أواسط شوال من سنة 931 ه بعقد موقع من الإمام المجاهد القاضي أبي عباس أحمد بن محمد .
كان سيدي أبو عبد الله بن سيدي إدريس قد ورث عن آبائه العلم والأخلاق و من البصيرة ما جعله سيد أهل زمانه و من الخير و الكرم ، ما جعله مضرب المثل وكان العابد العارف بالله تعالى ، و كان العالم الذي جعل من زاوية قجال مقصدا لطلبة العلم ،و مرجعا دينيا و اجتماعيا ، يسعى إليها العالم و المتعلم و المصلح و طالب الصلح ، و قد عاصر الشيخ سيدي أبو عبد الله سيدي عبد الرحمن الأخضري العالم الجليل الذي كان ينزل من حين إلى آخر بقجال لتقديم الدروس لطلبة العلم أو تحرير الرسائل العلمية ، أو لطلب التبرك و الراحة بالقرب من مقام سيدي مسعود.

الشيخ أبو عبد الله محمد بن صالح :
هو محمد بن صالح بن أحمد بن ثابت بن الحاج حسن بن مسعود بن عبد الله بن عبد الحميد بن عمر بن محمد بن إدريس بن داود بن ادريس الأصغر بن ادريس الأكبر بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهما) لقب بأبي عبد الله ، وسيدي عبد الله ، كان سيدي أبو عبد الله من شيوخ و علماء القرن العاشر الهجري ، الذي شهد آخر عهود دولتي بني حفص و بني مرين ،و رغم ما اتسمت به تلك الفترة من غزو صليبي إسباني على المدن الساحلية الجزائرية ، امتد الى طرابلس بليبيا شرقا الى سبتة و مليلة بالمغرب اللتين مازالتا محتلتين الى الآن .
مما جعل الجزائر خاصة و بلاد المغرب عموما تعيش حالة عدم استقرار و أوضاع سياسية و اقتصادية متأزمة ، و لكن رغم ذلك فقد ظهرت فيها نهضة دينية و علمية و ثقافية في غرب البلاد و شرقها ، حمل لواءها رجال أمثال الشيخ الأخضري ، و الشيخ الخروبي ، و الشيخ الوزان ، والشيخ موسى بن الوجد و غيرهم ، و لم تكن زاوية قجال بمعزل عن النهضة الدينية العلمية و رجالها ، فقد كان يتردد عليها العلماء و الشيوخ و الطلبة و كانت إحدى محطات الشيخ عبد الرحمن الأخضري في ترحاله للتعبد و التبرك و التأليف والتعليم أيضا ، وكان على رأس زاويتها حينئذ الشيخ أو عبد الله محمد الذي تم تنصيبه مشرفا على الزاوية وأوقافها و أحباسها حسب ما جاء العقد .
كان الشيخ أبو عبد الله حين تولى مشيخة زاوية قجال شاب ورث عن آبائه و أجداده من الأخلاق أطهرها و أسماها ، و من البصيرة و العقل ماجعله سيد أهل زمانه ، و من الخير و الكرم ماجعله مضرب المثل ، وكان العابد العارف بالله تعالى المتبرك به و كان العالم المعلم الذي جعل زاوية أجداده مقصدا لطلبة العلم ومرجعا دينيا ، و اجتماعيا ، يسعى إليها العالم و المتعلم ، و المصلح و طالب الصلح ، و المتبرك ، و يلجأ إليها الأيتام و ذو الحاجة و عابروا السبيل ، و من أعماله : جدد بناء مسجد الزاوية و بيت الطلبة ، و بيت الزوار و الضيوف ، وكان منها يشرف على أوقاف الزاوية التي توسعت في زمنه كثيرا .

سيدي عبد الرحمن الأخضري :
هو من أبرز علما الجزائر في القرن العاشر ، ذاعت شهرته في الآفاق في شتى حواضر العلم و المعرفة ، من بغداد إلى الأزهر إلى الزيتونة ، ألف في شتى المعارف العقلية و الشرعية و الفقهية و اللغوية والرياضية ، من أشهر مؤلفاته ، السلم المرونق في المنطق الذي ترجمه المستشرق الفرنسي لوسيان سنة 1921 و قد عده من أعظم الكتب العالمية ، حيث قارنه بكتابه ، حديقة الزهور الإغريقية لمؤلفه كلود لانسلوا ، و من كتبه أيضا ، الدرة البيضاء في الفرائض و الحساب والجوهر المكنون في علم البيان ، و كتاب في فقه العبادات ، و منظومة في التصوف ، لقد كاد أن يبلغ عمره الثقافي عمره الزمني حيث بلغت مؤلفاته الثلاثين و لم يكتب له من العمر إلا اثنان و ثلاثون سنة .
كان سيدي عبد الرحمن الأخضري عالما عاملا و تقيا ورعا و عابدا يقضي نهاره في التدريس فإذا ما أقبل الليل أوى إلى كهف يسمى (الخلوة) يقع بالقرب من مقام سيدي مسعود القجالي ،يتعبد و يصلي أغلب الليل ،و قبل الفجر يعود إلى المسجد ،ليستأنف نشاطه اليومي في التدريس أو التأليف ، و قد تناقل الناس أبياتا شعرية مكتوبة في كفن سيدي عبد الرحمن الأخضري ، و هي منقولة عن الأستاذ عبد المجيد حمادوش الذي كتبها له الشيخ القريشي مدني في كناشة خاصة .

سيدي محمد الصغير الحملاوي :
سيدي محمد الصغير بن يوسف الحملاوي ، عالم جليل عاش بين نهاية القرن الثاني عشر ،و النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجريين ، كان معاصرا للشيخ محمد بن أحمد الذي استقدمه للإشراف على الزاوية و تسيير أمورها المالية ، و عائداتها من الأوقاف و كذلك التعليم بها ، اشتهر بالورع و التقوى و النهي عن المنكر و إصلاح ذات البين ، وتفقد أحوال الفقراء و رعاية الأيتام ، عاش الشيخ محمد سيدي محمد الصغير بن يوسف في الزاوية عالما حتى وفاته ، ولم يبقى من آثاره سوى عقود لأملاك سيدي مسعود الوقفية محررة بخط يده .

سيدي الطاهر بن محمد حمادوش :
تربى على يد والده و حفظ القرآن و أخذ مبادئ العلوم في زاويتهم ، ثم إنتقل إلى زاوية الشيخ محمد الحداد فأخذ عن شيوخها ، و منها شد الرحال إلى مستغانم التي كان له فيها أقارب و أبناء عمومة فقضى فيها عدة سنوات متتلمذا على شيوخ زواياها ، لقد كانت تلك عادة بيوتات القرآن و العلم يرسلون أولادهم بعيدا عن الموطن لتحصيل العلم وتعويدهم على السعي و الترحال و الاتصال بغيرهم لصقل تجربتهم وإثراء معارفهم ، عاش الشيخ سيدي الطاهر ظروف ما قبل الإحتلال الفرنسي للجزائر ، على نهج آبائه و أجداده في الإشراف على الزاوية تعليما و تسيرا ، و في القيام بدوره الاجتماعي المتمثل في قضاء حاجات الناس و توثيق عقودهم و إصلاح ذات بينهم ، كان للشيخ سيدي الطاهر مجلس خاص يتكون من أعيان المنطقة و شيوخ العلم وطلبة الزاوية ، يجتمع دوريا و كلما دعت الضرورة للفصل في منازعة أو إصلاح ذات البين .

الشيخ المختار بن الشيخ :
هو الشيخ المختار بن الطيب بن عبد الوهاب بن مسعود الساحلي ، نشأ في قجال حتى فترة شبابه عند خاله الشيخ الصديق بن حمادوش ، فأخذ عنه من علوم اللغة و الفقه حتى تمكن منهما ، انتقل إلى تونس فمكث بها بضع سنوات متعلما ، ثم معلما ، حج مرتين وعند مروره بمصر طاب له المقام بالأزهر حاضرة العلم و العلماء ، كان الشيخ المختار حجة في علوم الفقه و اللغة ، و كانت له لقاءات و محاورات مع العلماء ، في قضايا فقهية نشر بعضها في الصحف مثل صحيفة النجاح و البصائر .

أنشأ زاوية في قرية معاوية و علم بها سنوات من 1911 إلى 1917 ، ولم يغادرها حتى ترك فيها أثر عظيما ، تجلى في إقبال الشباب على طلب العلم ومعرفة الأحكام الشرعية و تعلم اللغة العربية التي حرموا منها ، و نظرا للمكائد التي دبرها له أحد الحاقدين عليه ترك القرية التي ولد فيها و رحل إلى قجال و اشترى بيتا و لبث فيها سنوات معلما ومصلحا اجتماعيا ، حيث واصل أداء دوره العلمي و الشرعي بها حتى وفاه الأجل سنة 1944 و دفن بقرية قجال.

ولاية سطيف

رقم الولاية (سطيف) 19 ،الرمز البريدي للدائرة (سطيف) 19000 ،عدد سكان الولاية(سطيف) 1900139 الترقيم الهاتفي للولاية (سطيف) 036 ، عدد الدوائر 20 ، وعدد البلديات 63 ،

تتكون ولاية سطيف من 20 دائرة وهي :

عين أرنات - بابور - بوقاعة - حمام قرقور - عين آزل - بني عزيز - جميلة - حمام السخنة - عين الكبيرة - بني ورتيلان - العلمة - ماوكلان - عين ولمان - بئر العرش - قنزت - صالح باي - عموشة - بوعنداس - قجال - سطيف

تتكون سطيف من 63 بلدية وهي :

عين عباسة - عين أرنات - عين الكبيرة - عين آزال - عين لحجر - عين لقراج - عين ولمان - عين الروى - عين السبت - آيت نوال - آيت تيزي - عموشة - ّعين الروا - بابور - بازر سكرة - بيضاء برج - بلاعة - بني عزيز - بني شيبانة - بني فودة - بني حسين - بني محلي - بني ورتيلان - بئر العرش - بئر حدادة - بوعنداس - بوقاعة - بوسلام - بوطالب - دهامشة - جميلة - ذراع قبيلة - العلمة - الولجة - أوريسيا - قلال - القلتة الزرقاء - قنزات - قجال - الحامة - حمام قرقور - حربيل - قصر الأبطال - معاوية - ماوكلان - مزلوق - واد البارد - اولاد عدوان - اولاد صابر - اولاد تبان - ام لعجول - رسفة - صالح باي - سرج الغول - سطيف - تاشودة - تالة ايفاسن - الطاية - تلة - تيزي نبشار - ولاد السي أحمد - (تيزي نبراهم).

تاريخ منطقة سطيف :

ما قبل التاريـخ :

زراية :

تعد من أقدم المناطق الأثرية على الإطلاق حيث تضم المنطقة الريفية الواقعة على بعد 78 كم جنوب عاصمة الولاية أكثر من ست مواقع تاريخية يعود أقدمها إلى العصر الجوراسي - كاف الزمان- إلا أن قلة الدراسات بسبب اللامبالاة من طرف الجهات المعنية تركت هذا الكنز تحت رحمة عوامل الزمن و تعود تسمية زراية إلى مصدريين الاول هو نسبة إلى القائد الروماني الشهير زيراميوس و الثاني إلى كلمة زراي اي انظر الي بلبربرية لانها كانت تشتهر بخيراتها وكانت تربط بين تمقاد جنوبا و كويكول شمالا وهناك من يقول من ابناء المنطقة الباحثين في تاريخها انها تربط بين نوميديا الشرقية و الغربية و تحتوي اليوم على العديد من المواقع كتاغليست و زراية مركز وكاف الزمان الذي يشهد زيارات سياحية و اكاديمية اما السكان فيتجاوز العددال50 الف نسمة ابرزهم اولاد السعادنة كما تشتهر زراية بمنابع طبيعية اشهرها تاوغلالت و تاغليست و ثالة نزرايث(عين زراية).

عيـن الـحنش

اكتشفت خلال الـحفريات الباليونتولوجية لسنة 1948 من طرف الـباحث ك.أرامبورغ وتمثلت نتائـج هذه الـبحوث فـي مـجموعة من الأدوات الـحجرية الـجد بدائية وبقايا عظمية حيوانية منقرضة أوحت ببداية الزمن الـجيولوجـي الرابع - البلاستيوسيـن الأسفل - وقد جلبت ندرة هذا النوع من الصناعات الـحجرية اهتمام فئة كبيـرة من الباحثيـن الذين أرجعوها إلـى أولـى الثقافات البشرية للعصر الـحجري القديم الأسفل لـما قبل التاريـخ.

وتعتبـر بقايا الأدوات الـحجرية لـموقع عيـن الـحنش استمرارية ثقافية لـما اكتشف فـي شرق إفريقيا أو علـى وجه الـخصوص مـوقع أولدوفاي بطنزانيا.

ونظرا للأهـمية العلـمية والأثرية لـهذا الـموقع ،تشجع باحثون جزائريون واستأنفوا الأبـحاث الـميدانية (حفريات 1992، 1995) لتأكيد ما افترضه علـماء أجانب من أن موقع عيـن الـحنش يـمكن أن يـمد البشرية ويزودها بأقدم بقايا عظمية إنسانية.

عين ارنات

تم اكتشاف هذا الـموقع سنة 1927، حيث أجريت حفريات وبـحوث أثرية من طرف الباحث م. برسيون الذي عثر من خلالـها علـى أدوات حجرية من الصوان وبقايا عظمية كانت مـحل دراسة لعدة باحثيـن كـ: م.ماسييـرا، رفوفري الذيـن أدرجوا هذا الـموقع ضمن ثقافات العصر الـحجري ونخص بالذكر الثقافة الـقفصية التـي عرفت نوعا من التطور الـملحوظ فـي الصناعة الـحجرية، وذلك بابتكار تقنيات جديدة، أضف إلـىذلك وفرة الصناعة العظمية والتي تعد من ابتكارات العصر الـحجري القديم الـمتأخر، دون أن ننسـى عادات الدفن التـي عرفها الإنسان فـي هذه الفتـرة.

عهد الرومان

كان يقطن ولاية سطيف منذ آلاف السنيـن سلالة تنتمـي إلـى رجل كرومانيو الذي انـحدر من ذريته الأمازيغ - الرجال الأحرار - والذين تنظموا علـى شكل قبائل، ولـم تظهر الدولة الـجزائرية للوجود إلا بعد القرن الثالث والثانـي قبل الـميلاد عندما برزت مـملكتيـن : المـملكة الـمسياسلية التـي كان يـحكمها سيفاكس، والمـملكة الثانية هـي مسيليا بقيادة مسينيسا.

واختلفت الأقوال حول ما إذا كانت سطيف تابعة لـمملكة مسينسا أو مـملكة سيفاكس، والأرجـح أنها كانت للمملكة الـمسياسيلية وهذا لأن مسينسا كان حليفا مـخلصا لروما - وهذا لا يعكس احتلال الرومان لشمال إفريقيا وثوران الشعب عليه - عكس سيفاكس الذي كان حليفا لقرطاجنة، وقد أصبحت سطيف عاصمة للبرابرة عام 225 ق.م ولـم تفقد هذه الـمكانة إلا بعد قدوم "جـوبا" الذي عدل عنها وجعل من مدينة شرشال عاصمة له.

وبعد انهزام قرطاجنة تـحصل ماسينسا نوميديا جزاء علـى تـحالفه وبقـي تـحت وصاية روما، وبعد وفاته ووفاة إبنه مسيبسا اشتدت الـمنافسة بيـن الأحفاد ومنهم وأشهرهم يوغرطا الذي كان ينوي منح الاستقلال إلـى نوميديا، ولـم يتمكن من تـحقيق حـلمه وهدفه، وسـمح ذلك الإخفاق للرومان بالتدخل لكن الأهالي بقيادة يوغرطا لـم ييأسوا، بل قاوموا ذلك الغزو، حتـى أن سطيف شهدت أراضيها الـمعركة الشهيـرة والفاصلة بيـن يوغرطا وماريوس.

ومنذ 105 ق.م حتـى 42 م إزداد تدخل الرومان وأصبح أكثر سفورا، مـما أدى إلـى نشوب العديد من الثورات أشهرها ثورة تاكفاريناس الذي كان عضوا فـي الـجيش الرومانـي، وفـي الفترة ما بيـن 17 م و 24 م نظم جيشا من الأهالـي من بينهم سكان منطقة سطيف الذين ساهموا مساهـمة فعالة فـي تلك الثورة.

الريغة القبالة

ثم جاء من بعدهم قبائل الريغة القبالة الريغةالقبالة (ملوك الحرب ) [ريـغة الـمغراويّون] : مغراوة الذين منهم: ريغة، هم من أشهر قبائل زناتة [إيزاناتن]، وزناتة هُم بنو جانا (ژانا) بن ياحيا بن ضَري بن زحيك بن مادغيس بن برّ بن سفگو بن آبزج بن حنّاح بن ولّيل بن شرّاط بن تام بن دويم بن دام بن مازيغ قال ابن خلدون: هؤلاء القبائل من مغراوة كانوا أوسع بطون زناتة وأهل البأس وا...لغلب، ونسبهم إلى مغراو بن يصّلتن بن مسرا بن زاگيا بن ورسيگ بن الدّيرت بن جانا إخوة بني يفرن وبني، برنيان.. وكان لمغراوة هؤلاء في بَدوِهِم مُلكٌ كبيرٌ أدركهم عليه الإسلام فأقرَّهُ لهم وحسنإسلامهم. وهاجر أميرهم صولات بن وزمار إلى المدينة، ووفد على أمير المؤمنين عثمانبن عفان-رضي الله عنه-فلقاه براً وقبولاً لهجرته، وعقد له على قومه، ووطنه. وانصرف إلى بلاده محبواً محبوراً مغتبطاً بالدين، مظاهراً لقبائل مضر، فلم يزل هذادأبه. وقيل إنه تُقُبِّضَ عليه أسيراً لأوّل الفتح في بعض حروب العرب مع البربر قبل أنيدينوا بالدين، فأشخصوه إلى عثمان لمكانه من قومه، فمنّ عليه وأسلم فحسن إسلامه إهـ. وقال أيضا: وأما شعوبهم وبطونهم فكثير، مثل: بني يلّنت بني زنداگ وبني ورا وورتزمير وبني أبي سعيد وبني ورسيفان ولغواط وبني عبد الواحد وبني ريـغة وغيرهم ممن لم يحضرن أسماؤهم إهـ. وقال: الخبر عن بني سنجاس وريغـة والأغواط وبني ورا من قبائل مغراوة من أهل الطبقة الأولى وتصاريف أحوالهم: هذه البطون من بطون مغراوة، وقد زعم بعض الناس أنهم من بطون زناتة غير مغراوة. أخبرني بذلك الثقة عن إبراهيم بن عبد الله التِّيمَزُّوغتِي قال وهو نسابة زناتة لعهده: ولم تزل هذه البطون الأربعة من أوسع بطون مغراوة إهـ ريـغـة: كانوا أحياء عديدة. ذكرَهُم ياقوت الحموي في (القرن 13 م)، فقال: رِيغ: ويُقالُ رِيغة. إقليم بقُربٍ من قلعة بني حماد بالمغرب إهـ. وقلعة بني حمّاد تقعُ بجبل معاضيد، بين مسيلة وبرج بوعريريج وسطيف. وقال عنهُم ابن خلدون في (القرن 15 م): تحيز منهم إلى جبل عياض، وما إليه من البسيط إلى نقاوس، وأقاموا في قياطنهم إهـ. وهؤلاء هُم ريغة التّلول، وتمتدّ مواطنُهُم اليوم ما بين سطيف وجبل الحضنة وجبل بوطالب وبرج بوعريريج وراس الوادي وجبل فوغال، وينقسمون إلى ريغة الظهارة وريغة القبالة، ويفصلُ بينهُما وادي الملاح النّازلُ من جبل بوطالب، وتتكلّم بعضُ بطونهم الشّاويّة (لهجة أمازيغيّة)فيماعربا كثيرهم، ومن مدنهم: عين ولمان وعين آزَل وعين الحجر وراس الواد وبيضاء بُرج وحمّام أولاد يلّس، ومنهم فرقتان صغيرتان مندرجتان في قبيلة السّگنيّة الهوّاريّة، الموطّنة شمالي جبل أوراس، ذكرهما الكاتبُ العسكري الفرنسي Ch. Feraud، وهُما: أولاد بوعافية وأولاد سي عمر. ومن ريغة أيضا أُمّة كبيرة موطّنة بالصّحراء جنوبا، حفافي الوادي المشهور باسمهم: وادي أريغ، ويتكلمون الأمازيغيّة أيضا. وقد ذكرهم ياقوت الحموي في (القرن 13 م)، فقال: بالمغرب زابان الأكبر.. والأصغر يقال له: ريغ، وهي كلمة بربرية معناها السّبخة فمن يكون منها يقال له: الريغي إهـ. وقال ابن خلدون: ونزل أيضا الكثيرُ منهم ما بين قصور الزاب ووارَگلة فاختطّوا قرىً كثيرةً في عدوةِ وادٍ ينحدرُ من الغرب إلى الشرق. ويشتمل على المصر الكبير والقرية المتوسطة والأَطَمِ. قد رَفَّ عليها الشجر ونَضَدَت حَفافَيها النّخيل وانساحت خلالَها المياهُ وَزَهَت بينابِعِها الصّحراءُ وكَثُرَ في قُصورها العمرانُ من ريغةَ هؤلاء. وبهم تعرف لهذا العهد وهم أكثرها ومن بني سنجاس وبني يفرن وغيرهم من قبائل زَناتَة إهـ. وقال أيضا: وأكبر هذه الأمصار تسمى تُگُرت، مصر مستبحر العمران، بدوي الأحوال، كثير المياه والنخل، ورياسته في بني يوسف بن عبد الله، كانت لعبيد الله بن يوسف، ثم لابنه داود، ثم لأخيه يوسف بن عبيد الله.. ثم هلك وصار أمر تقرت لأخيه مسعود بن عبيد الله، ثم لابنه حسن بن مسعود، ثم لابنه أحمد بن حسن شيخها لهذا العهد. وبنو يوسف بن عبيد الله هؤلاء من ريغة، ويقال إنهم من سنجاس. وفي أهل تلك الأمصار من مذاهب الخوارج وفرقهم كثير، وأكثرهم على دين العزابة، ومنهم النكارية.. ثم بعد مدينة تگُرت، بلدُ تماسين وهي دونها في العمران والخطة، ورياسته لبني إبراهيم من ريغة إهـ.

وما زالت مدينتا تگُرت وتماسين قائمتين إلى الآن. وذكر ابن خلدون سدويكش من قبائل كتامة الموطنين بالبسائط الممتدّة ما بين قسنطينة وبجاية، فقال: وفيهم من لماية ومكلاتة وريغة إهـ. وأضافَ ياقوت الحموي: قال أبو طاهر بن سكينة: سمعت أبا محمد عبد الله بن محمد بن يوسف الزناتي الضرير بالثغر يقول: حضرت هارون بن النضر الريغي بالريغ في قراءة كتاب البخاري والموطأ وغيرهما عليه وكان يتكلم على معاني الحديث وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب ورأيته يقرأ كتاب التلقين لعبد الوهاب البغدادي في مذهب مالك من حِفظِهِ كما يقرأ الإنسان فاتحة الكتاب ويَحضُر عنده دُوَيْنَ مائة طالب لقراءة المدونة وغيرهما من كُتُب المذهب إهـ. كما توجد اليوم فرقة من ريغة في جبل تيطري تُسَمّى: ريغة القمانة، ولهم وطن باسمهم حول المدية، بينها وبين البرواقية، ومعهم بطن من هوّارة، ولغة الجميع عربية. ومن ريغة أيضا فرقة شمال شرقي مليانة اليوم، يُسمّون: ريغة زكّار، وجاء في المقال الذي كتبَهُ Ch. A. Julien، ونُشِرَ في الأفريقيّة، أنّ مواطنُهُم تقعُ في الجبال المطلة على متيجة، مثل: زكّار وتافراوت، وأنّ لغتهم عربيّة، وأنّ رئاستهُم في عائلة أولاد سيدي مُحمّد بن يحيى الشريف إهـ. وكان ابنُ حوقل قد ذكر ريغة مليانة هؤلاء في (القرن 10 م)، فقال: ومنها إل مليانة.. ومنها إلى سوق كران.. ومن سوق كران إلى ريغة، وهي قرية وسوقٌ صالح إهـ. وذكرها الإدريسي في (القرن 12 م)، فقال: ومن مدينة مليانة إلى گزنّاية مرحلة.. ومن سوق گزنّاية إلى قرية ريغة مرحلة إهـ. ولريغة مليانة المذكورين حَمَّام مشهور باسمهم، وهُوَ معروف في جميع أنحاء التّلول في القُطر الجزائري اهـ.

ملك البربر

هو ألقاتهن فريدهان ماسكيلوس vridhanne masculosse al-leggathhen أو ألقتن فريدان ماسكيلوس وتنطق القاف ب ga والفاء ب v. هو من الملوك البرابرة الذين لم ينصفهم المؤرخين ولا نقول التاريخ لأن التاريخ بيد من كتبوه ابن مدينة خنشلة الأبية. Mascula خنشلة ينحدر نسبه من قبائل الزناتة البربرية وبالضبط من قبيلة الريغ أو الريغة righat التي كانت تبسط نفوذها القبلي عل كل المناطق الممتدة من شمال ولاية أم البواقي إلى ساحل ولاية بسكرة جنوبا وتبسة شرقا إلى مدينة الوادي من الجنوب الشرقي وغربا الأوراس أو باتنة وكان قصرهم يسمى بالقصر الأحمر نسبة إلى تربة مدينة تازقاغت أي المدينة الحمراء والتي تعرف بهذا النوع من التربة إلى الآن، كانت قبيلة الريغة من الطبقة الأرستقراطية فمنها ملاك الأراضي وأمراء الجيوش والملوك البربر ويعلم أن الأصل البربري هو منحدر من الجنس الآري Aryans الذي قدم من مناطق الهند القديمة أو شعب زاجفادا الذي أحتل إيران ودمر حضارة السند وكان يبسط نفوذه على كل مناطق آسيا الوسطى حتى شرق أوروبا ثم أوروبا الغربية وشمال إفريقيا. Jugurtha يوغرطة الملك البربري الزناتي بعد تمرد يوغرطة على الرومان سار لمهاجمتهم حيث ما وجدوا وتقدم نحـو الشرق ليدمر حليفهم ويستولي على مملكته فما كان لأهلــــه في mascula إلا أن ساعدوه مع علمهم بأنه الابن غير الشرعي لماستنابال لكن لم يحل هذا دون مساعدتهم له وكان لجيش الزناتة اليد الكبيرة في كسر يد الرومان أو أتباع نوميديا الموالية لرومـا.كانت السنواة السبع التي قاوم يوغرطة فيها روما سنوات المجد للذات البربرية حيث أنها لا تقبل الانقياد وأن شعب البربر يقود ولا يقاد وشعب يغزو ولا يغزى وما معارك شيشناق علينا ببعيدة.بعد مؤامرة من صهر يوغرطة والسيس خدم الريغة ويلقبون اليوم بريغة الضهرة تم الإيقاع بيوغرطة وتسليمه للروم وكان الغدر والخيانة دوما سلاح السيس الذين تغلغلت فيهم القبائل اليهودية بكثرة بعد مقتلهم في الشرق وترحيلهم إلى أوروبا والغرب عامة كما لجأ بعض أغنيائهم إلى شمال أفريقيا بمساعدة بعض الروم المرتشين.ويبقى دور السيس الخسيس في قتل ملوك البربر متوال إلى آخر ملك بربري ألقاتن فريدهان ماسكيلوس- نبذة عن ريغة الضهرة: ريغة الضهرة هم خدم البربر من العبيد البيض البرابرة يقومون على خدمة الطبقة الأرستقراطية وكان المجتمع البربري آن ذاك مجتمع طبقي يتشكل من الملوك والأمراء وأمراء جيش وهم علية القوم ثم يأتي بعدها النبلاء وملاك الأراضي أي الإقطاعيين ثم الموظفين في الدولة الكبار وحاشية الأمراء ثم التجار والملاك الصغار للأراضي ثم العمال ثم الخدم وكان السيس من بين الخدم الذين يخدمون الريغة وسمو بالسيس لأنهم كانوا يهتمون بالخيل ورعي الأغنام، ولضعفهم وحتى لا يتعرضوا للأذى أطلق عليهم لقب ريغة الضهرة يعني أنهم من خدام الريغة وكانوا يسكنون أكواخ في المنطقة الضهراوية للمدينة لذا سموهم بريغـة الضهرة ،وسمي الأمراء فيما بعد في ضعفهم بريغة القبلة، ولا تزال التسمية هكذا حتى اليوم.وبعدما جاء اليهود إلى خنشلة وجدوا أن من أضعف الطبقات بها هي ريغة الضهرة حيث لا يسأل أحد عن نسبهم أو التفاصيل التي تتعلق بالأصل والعرق اندمجوا معهم وتزوجوا منهم وكان هذا سهل بالنسبة لهم حيث يملكون من المال ما يغري الضعفاء ويسوقهم إلى تنفيد كل ما يرغبون به والخطأ الذي ارتكبه أمراء الريغة أنهم لم يعطوا للأمر من الأهمية ما يستحق ومما كان يبديه اليهود من اضهار للضعف أمام الأمراء ويتملقون الباقي مستغلين شهامة الفرسان وحلم الحكماء لكن هذه الفئة الدخيلة كانت تضمر من الشر والحقد للأمراء ما تئوء الأرض من حمله، لماذا ؟-علاقة ريغة الضهرة باليهود:كان اليهود دوما يتبعون الكهان والمنجمين ليعرفوا إلى من ستكون الغلبة في المواطن التي يقطنون فيها عشائر أو دول أو ممالك فيمهدوا لاحتوائه تحت أي مسمى ومهما كان الظرف الذي يوجد فيه (كما حدث في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم حينما توجهوا إلى يثرب ظنا منهم أن النبي يبعث فيهم فلما لم يكن منهم حاربوه عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) وكانت النبوءة تتكلم عن ظهور قيصر يحكم الشمال الإفريقي كله ويبسط سطوته على البحر المتوسط يظهر حينما يكثر الدم بالهضاب يجدد الملك النوميدي وكانت ولا تزال هذه النبوءة مسيطرة عليهم إلى يومنا هذا فعمدوا إلى التقرب من الأمراء مرة بالتفاني في اضهار الطاعة ومرة ببذل المال لهم ثم حين تمكنوا بعض الشيء من التجارة المحلية تجرأ بعضهم إلى طلب يد الأميرة ايزيسيا أخت الأمير ايكساس ريزاميه قائد الجيش الريغي الزناتي فقتله الأمير في ساعته وما كان لليهود إلا أن توجهوا إلى الأمير العام لقبيلة الريغة ويعد كملك عليها وكان الملك ألقاتن آرس ما سكيلوس شديد وعنيد جدا وما أن علم بالقصة كلها من اليهود أنفسهم قام بقتلهم وتشريدهم ومطاردتهم لأن تجرؤهم على طلب يد ايزيسيا كان مسا بكرامة البربر ولم يسمح حتى للسيس الذين آوو اليهود بالبقاء معه في قبيلته بل قام بطرد كم هائل منهم وهذا مازاد حقد اليهود والسيس الموالين لهم على الريغة الأمراء فراحوا يديرون الدوائر ويقلبوا الفتن ويغدروا ويغتالوا منهم ماأستطاعوا ومعظم اغتيالاتهم بالسم غيلة وغدرا حيث علموا أن ما من سبيل لاحتواء الملك الموعود.وفي حكم بابار ماسكيلوس ألقاتن وهو الحفيد الثاني للملك ألقاتن آرس ما سكيلوس سمح للريغة الضهرة بالعودة إلى أحظان القبيلة وعفا عنهم بشرط أن لا يدخلوا اليهود معهم ويحترموا الفارق الطبقي وكان حليما وينسب إليه بناء مدن كثيرة في منطقة mascula مثل بابار التي سميت باسمه وهذا تقليد لدى الزناتة حيث يسمون المدن على أسماء من يحكمها أو من بناها وأهتم بتحسين المعيشة للضعفاء من قبيلته وازدهرت الفلاحة في فترة حكمه والحرف ولم تنقصه الشجاعة عن سابقيه بل كان يرجح الحلم فقط لكن كان حازما وسنرى هذا بعد قليل.لم ينسى كثير من السيس ماجرى لآبائهم وإخوانهم على يد آرس الشديد فراحوا يزرعون الفتن بين بابار وششار وهم إخوة غير أشقاء كان ششار رجل حرب وشديد البأس وليس له من السياسة شيء فعلم السيس هذه الخصلة فيه فحاولوا أن يوقعوا بينه وبين أخيه بابار كانت لريزاميه سيلاس أمير الجيش في عهد بابار ابنة اسمها ايرا زيناث نسبة إلى ملكة الآلهة هيرا آية في الجمال وعشقها كل من بابار وششار لكن دون أن يظهر على أحد منهم هذا حيث كان العشق وحديث الحب جرما ويعد انتهاك للعرض ولا يزال منبوذ من طرف أبناء خنشلة البررة إلى يومنا هذا وعندما طلب أحد السيس الخدم من ششار أن يتزوج من زيناث قبل أن يأخذها منه أخوه بحكم أنه الملك تفطن ششار بحنكته العسكرية لما كان يضمره السيسي فأخذه خارجا وطلب منه أن يدله على من أشار عليه بهذا ليكافئه فلما أدله أجتمع بهم وأغلق الأبواب وقتلهم شر قتلة ثم ذهب لأخيه وأخبره بالأمر وطلب منه أن يتزوج من زيناث وأن يكون شاهد عرسه فأكبر بابار صنيع أخيه فملكه على منطقة كبيرة تسمى باسمه الآن وهي ششار وتنازل له عن زيناث ،ثم أمر سيلاس بالتحقيق في المؤامرة وخيوطها وحين تمكن من جمع خيوطها وجد أن اليهود وراء كل فعل خبيث في المنطقة بأسرها وأعانهم في ذالك السيس فأطلع أميره على ما كان فأمره بقطع رؤوس الفتنة وكل من له علاقة بها من قريب أو بعيد وكانت مقتلة أخرى لليهود والسيس.مات بابار دون أن يترك ورثة لعرش الإمارة فورثها عنه أخوه ششار وكان لششار ثلاث بنــات هم سيسيليا ودهيا وهسيتا ايناث وولدان هما آرس ماسكيلوس على اسم جده وكاي يابوس.ضرب المنطقة في حكم ششار وباء الطاعون ولم يترك الشمال الإفريقي حتى حصد منه أرواح كثيرة ومـات لششار سيسيليا وآرس ماسكيلوس أما هسيتا ايناث تزوجت بأمير بربري من قبيلة المشاوش أو المشوش كنية عن القط بليبيا الآن ودهيا تزوجت من ابن خالها آكوس ابن يوبا ابن سيلاس ريزاميه وتزوج ألقاتن كاي يابوس ماسكيولس من هيرا تيموس زيناتي بنت أكبر أمراءالجيش عندهم وهو: كورس زيناتي وكان مجرد ذكر اسمه يرعب العوام والخاصة، كانت هيرا رائعة الجمال فلما رآها كاي طلب يدها من أبيها الذي اشترط عليه ان يكون قداس العرس في المعبد عند الكهنة فقبل كاي وتزوجها وأثناء مراسم الحفل قال كاهن لكاي ستنجب من صلبها أعظم ملك للبربر، وبأنّ مجد نوميديا سيعود على يد ابن لك اسمه مثل اسمك ويلقب بلقب مثل لقبك، يضمّ كل شمال إفريقا بالقوّة, ملكه يدوم أربعين عاما, يُخضع فيها البحر الأبيض بأكمله. يظهر حين يكثر الدّم في الهضاب العليا، صفته عصبي كجدّه, يتعصّب لرأيه ويميل للمواجهة مع الخصوم, وفيّ لبلده وفاء منقطع النّظير يدعمه عسكري مثلك يتهم بقتل النّاس وحكم البلاد بالقوة يتقابلان لقدر معلوم، يطلعون على الدنيا ويفتح القدر لهم بابه في الشّرق من أرض المشـوش ليبيا, سيكون له بمثابة الأب ويمكّنه ويعينه على الحكم، يرعاه كولد له ويترك البلاد بين يديه قبل أن يموت، علامته من بين أبنائك خاتم الملك وهو وشم رباني مثل الوحم يغطي فخذه الأيسر فيه رسمت حدود مملكته, ويكون الحكم فيه طويلا ويقتل غدرا وغيلة وطلب منه أن يسميه باسم وندالي أو جرماني وليس بربري ليبعد عنه الأذى فطلب كاي من الكاهن تسميته فأسماه فريدهان وهو اسم غريب على البربر ووعد كاي الكاهن بأن اسمه سيكون هكذا وبعد مدة من الزفاف رزق كاي بابن وأسماه فريدهان كما طلب منه الكاهن.كانت آن ذاك قد اشتعلت نار الحروب في كل مكان وكان من أهمها حرب يوغرطة الملك البربري مع الرومان والنوميدين في الشرق وكان كاي يابوس في حلف سمي بحلف الدم مع يوغرطة ضد الروم ونوميديين المشرق وقد قدم كـاي كل ما يملك من الجند والمـال للحرب بغيت التخلص من الاحتـــلال الروماني الذي أثــقـل كاهل أهــل المغرب بالمكــوس والضرائب على يد خادمهم ملك نوميديا الشرق توفي ألقاتن كاي يابوس ماسكيلوس في معركة في مدينة الكاف التونسية وكانت الغلبة فيها لتحالف نوميديين الشرق وروما وهو شاب لم يتجاوز سن الأربعين من عمره وترك فريدهان في رعاية جده كورس وأنشأه صلبا عنيدا كصخر الصوان وكان يعده للملك ويأمل أن يكون فتاكـا بغيره لا يرحم وكان له ذلك.نشأ فريدهان على يد جده في ظروف قاسية جدا حيث خسروا الحرب وأسر يوغرطة وبدأت سلسلة الانتقام تلاحقهم من كل جهة خاصة من جهة السيس واليهود وكان الأمير مالكم ريزاميه وكورس من قادة الجيش الأوفياء حيث حرصوا على نقل الأمير الزناتي وأمه من منطقة إلى أخرى حفاظا على سلامتهم من غدر السيس واليهود فدخلوا في هدنة ثم أعلنوا الدخول في الدولة النوميدية وعدم شق عصى الطاعة مرة أخرى ليأمنوا جهة الروم والنوميديين على الأقل وليتفرغوا لمراقبة السيس واليهود، أخذ كورس الفتى الملك إلى مملكة ريغ القديمة والتي تقع على ضفاف واد ريغ حاليا هذه المملكة التي أسسها آباءهم ولكن لم تعمر طويلا لأسباب عدة حيث مكث مع حفيده إلى أن صار شابا قوى البنية وقرر العودة مجددا وفي طريق العودة توفي كورس جد الفتى ولم يبقى له إلا أمه هيرا والتي بعد وفاة زوجها شحنت فريدهان بكل ما أوتيت من قوة لينتقم لأبيه وظلت تثبته بأنه منصور من السماء حتى أقنعته بالأمر وأخذت عليه العهد بأن يرجع ملك أبيه وعند مشارف مدينة خنشلة في السهوب الساخنة بسكرة حاليا وكانت تابعة لخنشلة آن ذاك توفيت أمه ليبقى وحيدا في عشيرته، كان الأمير مالكم ريزاميه قد كبر في السن لكن لم يتخلى عن ملكه الشاب أبدا وعادوا إلى مدينة بابار ومكثوا فيها سرا ثم دخلوا ششار وأجتمعت حولهم قبيلة الزناتة كلها وبايعوا فريدهان على أن يكون ملكا لهم فقبل ثم طلبوا من القبائل الأخرى الانضمام إليهم فدخلت في حلفهم قبيلة الحراكتة والنمامشة وبقية الهوارة وجاءت وفود من كتامة الغرب والشلوح والتوات فضلا عن الريغ والزناتة فلموا أجتمعوا لديه وبايعوا له على الملك والسمع والطاعة تحرك مباشرة إلى عميل الروم وقتله وأسترد ملك أبيه لم تشاء نوميديا الشرق الدخول في حرب معه بادءى الأمر وأعتبرت أمره شأن داخلي مع الزناتة فقط ثم توجه إلى الغرب ليحمي ظهره فقتل عامل الروم فيها وبلغ مدينة مزلوق وأقام فيها حامية وبنا بها مراكز للحماية ومناطق دعم للجيش ثم عاود الهجوم إلى الشرق فدخل كل من تبسة والكاف وهدد نوميديا تهديد مباشر وكان يخوض المعارك بحكمة كبيرة وبأس شديد تزوج من اهيا أصغر بنات ريزاميه وأنجب منها ولدين هما آرس وآريس وبنتين هما قايس وآني سيغة. بعد انهزام الروم والنوميديين أمام فريدهان في أكثر من أربعة عشر معركة وكانت أكبرها ما تسمى بمعركة الناير حيث قام بهجوم مباغت على أكبر حامية في افرقيا وكانت متوجهة لنوميديا الغرب الإمبراطورية في السابع من جانفي وهذا هو سر الاحتفال الذي نسبوه ظلما تارة إلى مولد المسيح وتارة إلى نصر شيشناق على المصريين وهذا غير صحيح حيث بعد الانهزام ظل البربر الموالين لفريدهان على قسمهم يحيون نصرهم ولكن تقية من الروم والو ندال ينسبونه إلى أمور أخرى، تجمعت قيادات روما وعملاءهم من النوميديين في افرقيا وذلك بإيعاز من اليهود الذين قدموا رشوة لأعضاء البلاط الإمبراطوري لتدمير الفتى وملكه الجديد وبضربة واحدة فأعدوا جيوشهم وحشدوها بمختلف الجهات التي أتت منها من نوميديا الشرق ونوميديا الغرب وروما الإمبراطورية وكانت معركة كبرى في مدينة تبسة انهزم فيها جيش الزناتة الريغي وأنسحب إلى مدينة ششار لكن الروم لحقوا بهم ولم يتركوهم يلتقطوا أنفاسهم فتراجع جيش الملك الشاب إلى مدينة (عين أزال) وتربص بالروم ولما قدموا أباد نصفهم ثم أنسحب قبل أن تأتي التعزيزات دخل مزلوق وأقام فيها وبعث السرايا لتلتحق القبائل البربرية به، كانت كثير من القبائل معجبة بالملك الشاب فقبلوا الدعوة وطلب منهم ان يأتي رؤوس القوم وعندما يتفقوا فليأتي الجيش كله وأقام حفلة كبيرة بمناسبة التحالف وقرروا فيه أن يهاجموا امبراطورية الشر روما في عقر دار حليفها لكن السيس واليهود لم يتركوه وكانوا يدسون له الأعين في صفوف جيشه فعلموا بما أراد فعله ودسوا له السم في الشراب فمات هو وأربعين من خيرة أمرائه عن طريق السيسي ابن اليهودي المدعو بيبي ميعزة فأبلغوا الروم فأسرعوا اليه واستغلوا الهلع الذي دب في صفوف الجيش واقتحموا عليهم مدينة مزلوق ودارة معركة رهيبة قتل فيها الآلاف وأظهر البربر شجاعة لا يمتلكها مخلوق على وجه البسيطة اضطر الباقون والناجون من المعركة أن ينقسموا إلى قسمين الأول أن يعود إلى تازقاغت بخنشلة والى القبيلة والثاني إلى [كاستيلوم فارطانيانس] الجنوب من مزلوق واختارت زوجة فريدهان الذهاب إلى كاستيلوم فارطانيانس قصرالطير أو قصر الأبطال حاليا ظنا منها بأنها ستكون بعيدة عن السيس الحاقدين وما كانت إلا أيام حتى علم اليهود والسيس بخبرهم فلحقوا بها إلى قصر الأبطال كانت اهيا قد دفعت بنتيها قايس وآني سيغة إلى أمراء الجيش الزناتة وأخذت عليهم العهد بأن يحافظوا عليهما وأن يطلعوها على حالهم متى استطاعوا وكذلك دفعت بولدها آريس إلى أحد الأمراء في جيشها المنهزم والمشتت وطلبت منه أن لا يظهره أبدا بصفة ملك أو ابن لملك وأخذت عليه العهد فقبل وطلبت منه أن يسمعها خبر خير عليه من حين لآخر فعاهدها على ذالك وأبقت معها آرس وتوجهت إلى قصر الأبطال حيث مكثت مع من كان معها لكن السيس أدركوها وقتلوها في الشط المالح ودفعت ببنها إلى أحد أكبر المحاربين معها فذاد عنه فنجا وبقي في كاستيلوم فارطانيانس متخف مدة من الزمن في منطقة الخربة حتى كبر الفتى وصار رجلا مشتد عوده وكان قد مضى زمن على القتال ولم يبقى له من الملك غير الاسم واللقب أما أخواته وأخوه فعينوا كإقطاعيين لضمان سكوتهم على أراض كبيرة سميت باسمهم ولا تزال لحد الآن لكن المؤسف الابن أريس كل أبنائه كانوا من الإناث ،علم السيس بعد ذلك أن ابن فريدهان آرس لا يزال حيا وأن له ولد أسماه فريدهان ماسكيلوس فتوجهوا اليه في قصر الأبطال لكن لم يعرفوا أين هو وفي أي مكان يعيش..بعد دخول الإسلام انكسرت شوكة الروم واليهود لكن أبناء ألقاتن فريدهان ماسكيلوس بقوا في قصر الأبطال وسماهم المسلمون لقاط لسهولة نطق الاسم لكن ولم يستطع السيس ولا اليهود أذيتهم لأنهم دخلوا في الإسلام فوجدوا فيه الدرع الحامي مما مكنهم من الاستمرار في الحياة.في زمن انهيار الدولة العثمانية ولما احتلت فرنسا الجزائر تحرك حقد السيس من جديد رغم طول المدة الزمنية فتوجهوا ليطلبوا ثأرهم من أبناء الملك النوميدي فأمموا أراضيهم كلها وهي الخربة في كاستيلوم فارطانيانس أو قصر الأبطال حاليا وكانت فرنسا قد غيرت الألقاب كثير من أبناء العشيرة وتركت اللقب لقاط فقط على حاله لأنه ينطق بالفرنسية لوغاleggat فكان أقرب إلى اللاتينية منه إلى العربية فتركته وأدخلت فيه من كان لقبه درمان وريزاميه معهم يحملون نفس اللقب وكثر الذكور من أبناء لقاط فلم يتمكن السيس من معرفة من هم أبناء الملك بالضبط فطردوهم منها ولم يهنأ لهم بال لذا قرروا أن يبيدوهم كلهم وينتهوا منهم إلى الأبد فتربصوا لهم في كاستيلوم ثيب : قلال ليقتلوهم لكن الله أنجا أبناء الملك الحقيقين ولم يكونا الا ثلاثة بنتين وولد وكان معهم بضع فرسان من الريغة يلقبون بفرسان العهد لأنهم عاهدوا أم الملك الشاب بأن يقوموا بحماية الشاب الملك هم وأبناؤهم إلى غاية الظهور الموعود ولم يمروا عليها أي كاستيلوم ثيب ولتفوا حولها ثم توجهوا إلى الغرب إلى مدينة برج بوعـريريـج وسكنوا البيبان أي مجانة (برج بوعريريج حاليا) وبرج الغدير ويلقبون بألقاب عدة منها : لقاط و ريغي ومهما كان المكان الذي يسيرون اليه ستتحقق النبوءة ويعود شمل الريغة من جديد ليعود الملك في صلب حفيده كما تقول النبوءة.

الجانب العمراني والاقتصادي

اهتـم الرومان بسطيف نظرا لـموقعها الـجغرافـي الـممتاز الذي يسيطر علـى السهول والـهضاب العليا الشاسعة والغنية بالقمح، وتوفرها علـى حقول كبيـرة للـمياه الـجوفية، وموقعها الإستراتيـجـي عند سفح جبل بابور، التـي كانت مناسبة للـمقاومة ونقطة انطلاق للثورات ضد الرومان.

ولـهذه الأسباب قرر الإمبراطور "نـيـرفا" سنة 97 م إنشاء مستعمرة لقدماء الـجيش فـي موقع "سيتيفيس" والتـي أطلق عليها عدة تسميات منها : كولونيا نيرفانيا، كولونيا أوغيسطا، كولونيا مارطاليس، كولونيا فيتيرنانة، ستيفانسيوم... سيتيفيس.

وسيتيفيس تسمية رومانية مشتقة من كلمة بربرية "أزديف" ومعناها التربة السوداء، لذا كانت منطقة سطيف مـخزن القمح لروما، ولذا كثر اهتمام روما بسطيف.

وفـي بداية التوسع العـمرانـي للرومان إتخذوا من "سيتيفيس" و"كويكول" مراكز عسكرية تطورت فيـما بعد لتصبح مدنا، وبنهاية القرن 03 م ارتقت مدينة سطيف لتصبح عاصمة لـموريطانيا السطائفية. والتـي مكنتها من استقلالية إدارية انعكست علـى الـجانب الاقتصادي فـي صبغة مـحلية ودولية أوصلها إلـى الـتحكم فـي التبادل الـتجاري وبـخاصة الـحبوب. ومن أجل تثبيت أقدام الاستعمار الرومانـي وفرض سيطرته، تـم إنشاء مراكز للحراسة تسمـى :

"كاستيلا" أو"كاستيلوم" عبـر جـميع الـمستعمرات ومنها سطيف التـي يوجد فيها عدة مراكز للحراسة هـي :

كاستيلوم فارطانيانس (قصر الأبطال)
كاستيلوم ديانانس (سيدي مسعود - قجال)
كاستيلوم ثيب (ملول - قلال)
كاستيلوم (بئر حدادة)
كاستيلوم لوبيرينانس (الـمغفر-صالـح باي)
بالإضافة إلـى أخرى فـي حـمام قرقور، عيـن الروى كمركزين للحراسة على البوابة الشمالية للمدينة وتوجد بعض الآثار التي تؤكد هذه الحقيقة ولكونها تعرضت للنهب والتخريب من طرف أشخاص مجهولين لغاية في نفس يعقوب قضاها بحيث ان بلدية عين الروى كانت تتميز ولا زالت بنبعها المائي الفريد من نوعه في عذوبته وحلوه بحيث كانت تسمي بعين الملك لذلك اطلق عليهافيما بعدle roua والتي يشهد لها كل من حل بها كما تمتلك عدة منابع مائية صافية وعذبة منها عين تلاوار التي يشهد لها حتى السياح الأجانب وعين الطلبة القريبة من زاوية سيدي الحسن ببلدية عين الروى ... الخ.

هذا التحصيـن الأمنـي لـم يسمح إلا بسيطرة نسبية علـى الأمن والسلم الرومانـي فـي إفريقيا الشمالية، حيث تزعزعت الدولة الرومانية سنة 235 م وعرفت بعدها اخطر الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التـي أدت بانتفاضات وثورات عبـر كل إفريقيا الشمالية، واشهرها ثورة "فيرميس" واخيه "جيلدون" والتـي ساهم فيها أهالي وسكان سطيف بصفة كبيـرة وفعالة.

ونظرا لخطورة الوضع ومواجهة الوضع الـمتردي قرر الإمبراطور "ديوكرتيان" سنة 297 م تقسيم موريطانيا القيصرية إلـى ناحيتيـن : موريطانيا القيصرية وموريطانيا ستيفانيس التـي عاصمتها سطيف كما ذكرنا سابقا. وعرف هذا الكيان الإداري الـجديد نموا سريعا ازدهرت فيه بعض المدن

كويكول -جـميلة-، ومونس، واد الذهب وبنـي فودة وطبعا سيتيفيس.

وباعتراف"قسطنطيـن الأول" سنة 306 م بالـمسيحية دينا للدولة شهدت سيتيفيس وكويكول خاصة حركة عـمرانية مـميزة تـمثلت فـي أحياء مسيحية كـحـي الكنائس بسطيف، لكن هذا التطور العمرانـي الـجديد وهذه الإجراءات الـمتخذة لـم تفلح فـي إيقاف الفقر والتدهور الاقتصادي، وبذلك استمرت الثورات خاصة بعد الزلزال العنيف الذي ضرب سطيف وهدمها عن آخرها 6/5 سنة 419 م حيث يصف القديس "أوغيستان" هذه الكارثة قائلا: "لقد كانت الـهزات عنيفة إذ أن السكان أرغموا بالبقاء خارج بيوتهم طيلة 5 أيام".

ثـم بعد ذلك كان عهد الوندال وغزوهم للمدينة وهذا سنة 429 م عندما قدموا من "طـانـجـا" باتجاه "قــرطاج" ودام هذا العهد وهذا الاحتلال إلـى غاية سنة 539 م. حيـن بدأ العهد البيزنطـي باحتلال العميد "سالمون" للـمدينة وقام بتـرميمها - لأنها دمرت علـى إثر الزلزال ولـم يبق إلا عدد قليل من السكان - وجعلها عاصمة لإقليم موريطانيا الأولـى. وقد شيد بها القلعة البيزنطية التـي لا يزال سورها الغربـي والـجنوبـي قائما إلـى الآن والتـي تشهد وتدل علـى أن البيزنطييـن ركزوا علـى الـجانب الدفاعـي بـحيث أنهم حصنوا الـمدن ودعموها بـمراكز حراسة متقدمة فـي كامل الـمنطقة. وكـخلاصة نقول أن مـجـيء البيزنطييـن إلـى شـمال إفريقيا كان مـحاولة فاشلة فـي إحياء مـجد الإمبراطورية الرومانية لأن الـهيمنة البيزنطية لـم تستـمر طويلا نظرا لعدم سيطرتها علـى زمام الـحكم نتيجة تزايد الثورات وحتـى الإمبراطورية البيزنطية ضعفت واستكانت أمام دعوة الـحق والعدل والـحرية والإسلام. وخلال كل هذه الفترة برزت عدة مناطق أثرية لـها قيمتها الـمحلية وحتـى الدولية.

عــهد الإسـلام

بقيت الـمدينة علـى هذا الوضعية منذ ذلك العهد، وحتـى العهد العثمانـي لـم تشهد فيه سطيف تطورا مـلحوظا بسبب أن قسنطينة كانت هـي بايلك الشرق وبذلك ذهب الاهتمام إليها - قسنطينة - وقد شهدت الـمدينة عدة معارك كبرى بيـن باي تونس وباي قسنطينة فـي العهد التـركـي.

كـما نـجد بأن العمائر العثمانية تكاد تكون منعدمة فـي سطيف حيث نـجد بعض الزوايا الـمتواجدة فـي الـمرتفعات والـجبال، وكذلك مـسجد العتيق الـواقع وسط الـمدينة فهو يـمتد إلـى العهد العثمانـي، وخاصة مئذنته التـي ما زالت تشهد إلـى اليوم عبقرية الفن الإسلامـي.

أما آثار هذه الـحقبة، فقد أجريت حفريات من 1977 إلـى 1982 بالقلعة البيزنطية - حديقة التسلية - كشفت لأول مرة عن وجود حـي إسلامـي يعود تاريـخه إلـى القرنيـن 9 و10 م يعكس بداية العمارة الإسلامية ويؤكد ما وصفه الـجغرافيون والـمؤرخون العرب خلال القرون الوسطى علـى أن الـمدينة كانت فـي أوج تطورها وازدهارها حيث كانت نقطة عبور لنشاط تـجاري مكثف - كـما ذكرنا سابقا - ويتـمثل فيها الـمستوى العمرانـي الإسلامـي فـي تـجمع عدد كبيـر من الـمنازل مـخططة ومربعة الشكل، كل منزل له فناء مركزي وأربع جهات نظمت علـى شكل أجنحة تـحيط بالفناء وتتـمثل هذه الأجنحة فـي قاعة الاستقبال، غرفة النوم، الـمطبخ، الإسطبلات... إلخ.

وفـي عهد الـخليفة "الناصر" شهدت عاصمة الـحمادييـن تغييـرا عـمرانيا هاما جعل منها مقصد كل سكان الـمغرب خاصة بعد سقوط" القيروان" فـي يد "الـهلالييـن"، كـما نشيـر فـي عهده إلـى توسيع الـمساجد وبناء القصور، ورغـم انتقال الـخلافة إلـى مدينة بـجاية بقيت القلعة تلعب دورها كـمدينة هامة فـي الـمغرب الأوسط، وابتداء من 1105 م - حكم الـخليفة العزيز - بدأت القلعة تفقد مكانتها خاصة بعد حصار الـهلالييـن لـها وهـجرة سكانها إلـى مدن مـجاورة، وتـم القضاء عليها نـهائيا من طرف الـموحدين فـي عهد "عبد الـمؤمن بن علـي" الذي جهز جيشا ضخما وزحف علـى كل معارضيه وقـضى عليهم، وقد شهدت سطيف أغلب الـمعارك.

وبعد هذه الفترة لـم تعد للقلعة نفس الأهمية السياسية التـي اكتسبتها من قبل

عهد الاستعمار الفرنسي

بعد دخول فرنسا للجزائر سنة 1830 م بدأت تحتل الولايات تباعا، وكان نصيب ولاية سطيف أن احتلت يوم 15 ديسمبر 1848 م بقيادة الجنرال "غالبوا" وانتهج الاستعمار سياسة ماكرة قاهرة حقيرة اتجاه الأهالي، فقد انتزعت منهم أراضيهم وسلمت للأهالي وكذلك جميع الامتيازات الأخرى، وساعدت البنوك الكبرى والشركات العقارية الرأسمالية هذه العملية، وكانت النتيجة الطبيعية تدهور معيشة المواطنين مما أدى إلى نشوب ثورات وحركات مسلحة أهمها ثورة" المقراني" سنة 1871 م والتي مست جزءا كبيرا من منطقة سطيف، لكن هذه الثورات فشلت ولم تحقق هدفها النهائي المنشود.

إن الاستعمار الفرنسي لم يولي أية عناية بالآثار التاريخية التي وجدها بالمنطقة إذ استعمل الحجارة المنحوتة التي تعود إلى العهد الروماني في بناء الثكنات العسكرية.

ولقد أصبحت مدينة سطيف رسميا بلدية بموجب أمر ملكي، كما أحيطت المدينة أثناء الاحتلال الفرنسي بسور له أربعة أبواب هي : باب الجزائر، باب بسكرة، باب قسنطينة، باب بجاية.

هذه ونشير إلى أن المدينة لم تشهد توسعا عمرانيا كبيرا إلا في عام 1918 م – بعد الحرب العالمية الأولى - وقد استرجعت مدينة سطيف أهميتها من الناحية الإستراتيجية خاصة حين اتخذها الاستعمار مركزا لبسط نفوذه على بقية المناطق والدليل وجود عمارة أوروبية ذات طابع حديث نوعا ما في مدينة سطيف - خاصة وسط المدينة -. واستمر الحال كذلك حتى بدأت حركة الوعي تنتشر بعد تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين خاصة أن أحد مؤسسيها من منطقة سطيف - كما يذكر أن الشيخ ابن باديس قد جاء إلى مدينة سطيف متخفيا ومكث بعض الوقت وكان يبيت في منزل بمنطقة المعدمين الخمسة - لجنان -.

ومع مرور الوقت اكتسب سكان سطيف وعيا سياسيا - خاصة بعد تأسيس الأحزاب السياسية الحديثة ذات الاتجاه الاستقلالي وظهور الكشافة الإسلامية الجزائرية التي أسسها الشهيد" محمد بوراس" وأول من أدخلها - الكشافة - إلى سطيف هو الشهيد "حسان بلخير" وهذا سنة 1938 م وأسس أول فوج سماه فوج الحياة بعد كل هذه المعالم جاءت الظروف لتبرهن عما يختلج من صدق وحماس في ضمير كل وطني غيور على وطنه ودينه ولغته وقوميته وكانت مجازر 8 ماي 1945 حيث بدأت المظاهرات السياسية المطالبة بالحرية والاستقلال وتحقيق الوعود المعسولة، ورد الحقوق الشرعية للشعب فكان رد الاستعمار حاسما حازما بشعا مأساويا.